بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير الخلق وخاتم النبيين محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، أما بعد أخواني الكرام فأحييكم تحية طيبة وأنا أعلم علم اليقين أن كثيراً منكم حزينون حقاً على التعادل يوم الأمس أما فريق بازل، فما سبب التعادل، وماذا جرى؟ كل هذا سأحاول الوقوف عليه بإيجاز في السطور القادمة.
لا يبدو أن يوم أمس كان يوماً جيداً على الكتلان، التعادل وإن بدا للبعض نتيجة غير سيئة إلا أنه لا يرضي الجماهير، وليس السبب التعادل وحده، فجملة من الأخبار السيئة حملها لنا يوم الأمس، فمع التعادل جاءت الأنباء لتخبرنا أن الرسام انيستا سيغيب مدة طويلة قد تمتد لمدة ستة أسابيع وهو ما يعني غياب الأخير عن اللقاء الأمتع في الليغا "الكلاسيكو".
الخبر الآخر السيء هو لمحبي الأرقام وعشاقها، ولعل الخبر سيكون سيئاً أيضا لمدرب الفريق ومديره الفني السيد بيب غوارديلا، فتعادل الأمس كسر الطموح بتحطيم أو الوصول لرقم ريكارد، فريكارد استطاع أن يقود الفريق لثماني عشرة انتصار متتال، وهو ما لم يعد سهلاً الآن، فبعد وصولنا للرقم 11 توقفنا بتعادل ما يعني أن الحساب سيعود من الصفر مرة أخرى.
أما الخبر الجيد، فهو ضمان تأهل برشلونة للدور الثاني، وهو خبر لم يكن مفاجئاً، ولك ما هو مفاجئ الآن أن هناك تنافساً على رأس المجموعة بين النادي الكتالوني ونادي سبورتنج لشبونة لتصدرها، فهل سينجح الفريق الكتالوني في تصدر المجموعة، أم أن لشبونة سيفجر مفاجأة أخرى وسيخطف الصدارة من الفريق الكتالوني؟
الحقيقة أن الإجابة على هذا السؤال تبقى تكهنية، إلا أن المجريات والأحداث المنطقية تشير إلى أن تصدر برشلونة للمجموعة ليست مهمة صعبة، بل على العكس تماماً، فبرشلونة يمتلك الأفضلية ولا أعتقد أن الفريق سيصعب عليه هذا الأمر إلا إن حصل شيء لا نتحسب وقوعه.
قد يظن القارئ أنني متحامل جدا على ما حصل بالأمس، فالبداية بجملة الأخبار السيئة كفيلة بتوليد هذا الشعور، إلا أن الحقيقة أن رأيي في تعادل الأمس بأنه تعادل طبيعي، وإن كان البعض سيجادلني قائلاً أنه من المعيب على فريق بحجم البرسا أن يتعادل أمام صغير مثل بازل، فلهذا أقول: أعذرني، ليس هكذا تقاس الأمور يا عزيزي، فالصواب أن الفريق ومديره الفني بشر، وله طاقة واحتمال، والزلل والخطأ جزء من طبيعتهما البشرية، بل على العكس فإن الأخطاء أمام الصغار جيدة لأنها تنذرنا بعيوبنا وتعملنا أخطاءنا قبل مواجهة الكبار، فالتعادل –وكما قال بيب- فرصة لنا لنعيد حسابتنا ونصحح أخطاءنا لأننا غير مثاليين ولا يمكننا أن نكون، فالإنسان يحاول جهده أن يصل مشارف الكمال ولكنه لن يصل بحال من الأحوال إلى المرتبة التي يتربع فيها على الكمال، لأن الكمال حصري على الله جل وعلا، وبالتالي فإن من السذاجة أن نعتقد أن الموسم سيكون مثالياً – وهو ما لا يتحقق إلا في عالم مثالي- فلنتيجة التعادل أقول أهلا وسهلاً.
إذن من الواضح الآن أنني متصالح تماماً مع التعادل، وأعتقد أنني بذلت جهدي لأوصل لكم رضائي التام عن هذه النتيجة، فاسمحوا لي الآن إلى الانتقال للحديث عن تحليل مجريات اللقاء، ونقاط قوته وضعفه ومكامن الخلل فيه:
1- التشكيلة غير الموفقة كانت جزءا من المشكلة، فالمدرب دفع بهنري وايتو وهيليب في خط المقدمة، ولعل الكل لاحظ انعدام التفاهم بين هذا الثلاثي، وهذا الشيء برأيي غير مستغرب، فاللاعبون لم يشتركوا سوياً الوقت الكافي ليتعاطوا مع بعض، فغياب الانسجام في خط المقدمة بدا منذ أطلق الحكم صافرته، وهنا كان ينبغي على غوارديلا أن لا يزج بهذه التشكيلة منذ البداية، فالأولى أن يبدأ اللقاء بميسي وهنري وايتو وأن يضمن الانتصار في الشوط الأول ثم يريح اللاعبين، وللأسف فإن عدم انتباه غوارديلا لهذه النقطة كلف الفريق الكثير، فلقد كلفه أولاً إرهاق اللاعبين فلم نحقق فائدة من عدم إشراكهم لأنهم عادوا واشتركوا وثانيها أننا أضعنا ما حققناه في كل اللقاءات السابقة من تقدم كبير مبكر يضمن النجاح لنا ويؤمن انهيار الفريق الخصم.
غياب لاعب الارتكاز، ووجود ثغرة واضحة في خط الوسط، فغياب المايسترو اكسافي بدا واضحاً، فالمباراة بدت 2- وكأن برشلونة لا يمتلك صانع ألعاب.
3- السياسة المميزة من مدرب الفريق المقابل، فبازل نجح في سد منطقته بشكل متميز أمام برشلونة، ولقد كنت اتساءل كثيراً عن الخطة التي يلعب بها المباراة، فتارة كنت أشعر أن الفريق كله يتراجع مشكلاً سداً منيعاً وكأن الخطة كانت بالأمس 8-2-0!!، وللأسف فلقد ساعد بطؤ لاعبينا وعدم مقدرتهم على التخطي السريع فريق بازل على إنجاح هذه الخطة، ولعل وجود ميسي منذ البداية كان سيقتل هذا التكتيك، لأن ميسي سريع الاختراق وبالتالي كان سيضعف هذا السد المنيع.
4- الأخطاء الدفاعية، وكلنا لاحظ كيف تراجع بيول إلى مركز قلب الدفاع في أحدى المرات ليشتت كرة، وهو أصلاً يلعب في مركز الظهير الأيمن وهذا يشير إلى وجود ثغرة في منطقة قلب الدفاع، إضافة إلى أن جهة سليفينهو كانت مصدراً كبيراً للإزعاج.
5- الاستهانة بحجم بازل، وإضاعة الفرص، فيبدو أن غوارديلا ورجاله أصابهم الغرور ولو قليلاً، فكلنا شاهدنا كمية الفرص التي سنحت ولم يستثمرها المهاجمون، بالإضافة إلى اكتفائهم الغريب بالهدف الأول، فكل لاحظنا كيف انتقل إلى اللاعبون إلى مرحلة الاستعراض بعد الهدف الأول، وكأن احتمالية ولوج هدف في مرمى فالديس غير واردة، وهو ما ثبت عدم صحته، فالهدف أتى وكان ما كان.
اكتفي بذكر هذه الملاحظات، ولأريح ضميري أقول إن ما شاهدته في الدقائق الأخيرة من استماتة من قبل لاعبي الفريق لإحراز هدف الانتصار أثار إعجابي حقاً، فالكل لاحظ كيف كان اللاعبون يقاتلون لإحراز هدف، وهذا أمر جميل جدا، فعندما ترفض التعادل فأنت بلا شك تملك ثقافة مميزة للانتصار.
أخيراً أخواني الكرام، أقول إن هذه المباراة ستكون درساً هاماً لغوارديلا ورجاله، وهي كما يقال قرصة أذن، و"شر" يتبعه خير كثير بإذن، لا يبقى لي سوى أن أقول لكم: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأحد نوفمبر 09, 2008 10:20 am