بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير الخلق وخاتم النبيين محمد بن عبد الله، أما بعد فاسمحوا لي أخواني الكرام مشجعي النادي الكتالوني العظيم أن أهنئكم على الانتصار الكبير الذي حققه الفريق في الديا السويسرية، وسأتناول في هذا المقال بالتحليل أهم النقاط.
مباراة هامة لأكثر من اعتبار يخرج منها رجال المدرب غوارديلا بنتيجة كبير، فاللقاء أمن إلى حد كبير الوصول إلى الأبطال واللقاء أكمل المتسلسلة الانتصارية، فالفوز الأخير هو الفوز الثامن المتواصل لأبناء البلوغرانا، وهو فوز لا يمكن التقليل من أهميته لأنه لم يأت من فراغ، فالانتصار العريض لم يكن لهشاشة الخصم أو لضعف فيه بقدر ما كان تميزاً في القراءة والعمل من قبل المدرب واللاعبين.
نبدأ من حيث بدأت المباراة، فالتشكيلة التي دخلت المباراة تشكيلة شكلت صدمة للبعض، فنظام التدوير استمر لدى المدرب غوارديلا، دونما خوف من اسم البطولة التي يلعب فيها، فالجرأة بإشراك كل من بويان وبسكويتس وهيليب وسليفينهو أمر يحسب للمدرب الذي يعلم تماماً ما يمتلك من قدرات، وليس لهذا علاقة بتقليلي لشأن أي من اللاعبين المذكورين، بل على العكس تماماً، لكن القضية تتمثل بجاهزية هؤلاء وعدم مشاركتهم منذ وقت طويل.
ولأن العبرة دائماً بالنتائج، فينبغي القول إن هذا التدوير أتى أكله، فكلنا لاحظ المستوى الرائع الذي ظهر يه هؤلاء اللاعبون، فإشراك بسكويتس من البداية كان أمراً موفقاً، فالأخير لاعب وسط متميز يمتلك قراءة جيدة للمعلب ويحسن توصيل الكرة هذا بالإضافة غلى حسن التمركز والتقدم إلى الأمام أثناء الهجوم المدّي للفريق، ولا شك أن الدليل على أهمية هذا اللاعب تواجده الصحيح وهدفه الجميل.
الصغير الآخر بويان كان بقدر الثقة، فبعد غياب أو لربما تغييب للنجم بويان، قام المدرب غوارديلا بالزج فيه منذ البداية وفي بطولة بحجم لقاء الأبطال، ليكون لهذا وقعه عند اللاعب، ولأن الحديث لا يتعلق بلاعب عادي بل بلاعب مبدع ونجم صاعد، فإننا تمكننا بالأمس من مشاهدة لقطات إبداعية من هذا اللاعب تمثلت في هدفين أثبت أن الأخير مهاجم من طينة الكبار، فالهدف الأول احترافي وفيه خبرة، فالتحرك والمراوغة ثم الاستدارة والتسديد السريع إلى المرمى والاعتماد على سرعة البصر أمور تجعل من هذا المهاجم الصغير كبيراً فعلاً، ولعلي أتساءل من أين جنى هذه الخبرة؟ أما هدفه الثاني فلا يقل أهمية نظراً لأنه يمثل تفاهماً مميزاً بين خط الوسط وخط المقدمة، هذا بالإضافة إلى القدرة التي امتلكها الصغير في التملص وإرياك المدافعين وتسجيل هدف مهم في سير مجريات اللقاء.
الانتقال للحديث عن الخطة التي لعب فيها الفريق أمر هام هنا، وسأعود بعد قليل لأتحدث عن بعض اللاعبين لأهمية الحديث، لكن سأتحدث أولاً عن الخطة، فالفريق بدأ بالخطة المعتادة التي يلعب بها والتي نعرفها كلنا 4-3-3، وقد لاحظنا كيف بدأت الخطة بالتغير بتقدم أربعة لاعبين بالوسط كدعامة للمقدمة، وهذا ما أربك مخططات المدرب الذي حاول ملياً إجهاض محاولات البرسا، لكن الزيادة العددية في الوسط، والتقدم المدي الذي كان يشكله لاعبو خط الوسط جعل من مهاجمي البرسا 5 أو 6 في لحظات، بحيث مكنت هذه القراءة الدقيقة من قبل غوارديلا الفريق على الاستحواذ على منتصف الملعب والتحكم بمجريات اللقاء ناهيك عن الاستحواذ الإمبراطوري على الكرة داخل المستطيل الأخضر، ولعل الكل لاحظ كيف فشلت سياسة إغلاق المنطقة مع لاعبي البرسا هذه المرة، فبازل أصطف بخمس مدافعين بالإضافة إلى أربع لاعبين في الوسط محاولاً تشكيل جدار دون أن يفلح، نظراً لتغير الخطة، ووجود داينال ألفيس المبدع الذي شكل رفداً آخر الخط الوسط والمقدمة بانطلاقته المميزة، إلى جوار زميله سليفينهو الذي يمتلك تحركاً سريعاً وأداء متميزاً.
إذن فالمباراة تحتوي على جمل تكتيكية تحسب للعقل المدبر غوارديلا، ولا أبالغ حين أقول إن بصمة العقل المدبر بدت واضحة من أول اللقاء إلى آخره، فبالإضافة لنجومية اللاعبين فإن برشلونة يرعى الآن عقلية تدريبية متميزة رغم صغر سنها، فغوارديلا يثبت يوماً بعد يوم أنه قادر أن يكون مدرباً أسطورياً تماماً كما كان لاعباً أسطوريا في التسعينات من القرن الماضي.
من الأشياء الجميلة الأخرى في لقاء أمس، كان التفاهم الكبير بين اللاعبين، فبدءاً من هدف ميسي والتناغم الرائع مع ألفيس، والذي أثمر هدفاً جميلاً، لاحظنا تحركات الفريق الجماعية، فالفريق كان يتحرك جماعياً، وكنا نلاحظ كيف كانت الكرة تبقى مملوكة ضمن مربعات أضلاعها لاعبو الفريق، فلاعبو الفريق قدموا صورة رائعة عن اللعب الجماعي المبدع، فالكل شارك والكل ترك بصمته، والأجمل من ذلك الكل شارك في رسم لوحة إبداعية كانت حصيلتها الأهداف الخمسة التي شاهدناها.
ولمن لم يشاهد اللقاء أقول إن الأهداف لم تكن مهمة بذاتها، وهو ما قاله غوارديلا، فكل من شاهد اللقاء علم أن الفريق كان بإمكانها فعلا إذلال الفريق المضيف بطريقة لا يمكن تصورها، فالغلة كانت سترتفع بسهولة إلى عشرة أهداف دون عناء، لكن ليس هذا المهم، المهم برأيي ما شاهدناه من تقدم مستمر ومن نجاح يحسب للمدرب غوارديلا ولكتيبته المتعطشة للألقاب.
شيء آخر جميل أتحفنا به لقاء الأمس، وهو الأرقام، فالأرقام كانت بالأمس شاهداً على مكانة برشلونة الحالية، فالانتصار الثامن على التوالي، والفوز الثالث في الأبطال، والتفرد بين كل الفرق بالانتصارات الثلاثة المتتالية في الأبطال فالفرق الإحدى والثلاثون الأخرى عجزت عن صنع ما صنعه برشلونة، هذا بالإضافة إلى الأهداف الخمسة والتي أضيفت إلى أخواتها الستة في مباراة اتلتيكو مدريد وخيخون لتقول لكل فرق أوروبا إن هجوم برشلونة من أقوى الهجومات إن لم يكن الأقوى، فحصيلة الأهداف لا تتوقف وشراهة اللاعبين دائماً موجودة.
قبل أن أنهي لا بد لي أن أعلق تعليقاً هاماً على فيكتور فالديس، فللأسف مستوى هذا اللاعب بدا متذبذباً، ففي لقاء الأمس شاهدنا مراراً الإرتباك الذي كان في أدائه دون سبب معلوم، ففي كل الكرات التي خرج فيها، كان يسقط الكرة أرضاً ولا يحسن التقاطها وهذا أمر خطير، هذا بالإضافة إلى الثغرات التي أغلقها الدفاع والتي تسبب بها هو، ففالديس بالأمس أفسد جمال الصورة، فإلى متى يبقى فالديس الحلقة الأضعف في الفريق؟؟
أخيراً، أعذروني أخواني الكرام على الإطالة، وعلى أمل أن يتجدد اللقاء بكم قريباً أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.