بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد أخواني الكرام محبي ومتتبعي الفريق الكتالوني برشلونة، واسمحوا لي أن ابدأ مقالي التحليلي بتهنئتكم على هذا الانتصار الهام والذي أضيف إلى سلسلة الانتصارات المتتالية بحيث يكون الخامس للفريق في الليغا، فهنيئا لنا ولكم هذا الانتصار.
إذن انتصار خامس في الليغا، وثلاث نقاط هامة تضاف إلى رصيدنا تجعلنا في المقدمة والطليعة إلى جانب الفرق المنافسة، وانتصار سابع إذا ما أخذنا بعين الاعتبار بطولة الأبطال، وإنجاز آخر يضاف إلى هذا الشاب الصغير بيب غوارديلا، فلبيب وفريقه الرائع أرفع القبعة، وأطلب منكم أخواني الكرام أن ترفعوا القعبة.مباراة مميزة، بقراءة دقيقة من الكبير جوارديلا، تشكيلة رآها البعض غريبة وأراها منطقية، فهي تخدم أولاً نظام المداورة، وهي ثانياً تعطي فرصة لشبان بقدرات متميزة ليظهروا-مع التحفظ على أداء الصغار هذه الليلة- إذن فالتشكيلة متوزانة وإن بدت للبعض غريبة، وطريقة اللعب التي رأينا بها الفريق الكتالوني طوال الشوطين كانت ذكية بما يكفي لتمكننا من الإطاحة بالخصم العنيد أتلتيك بلباو في ملعبه ومعقله السان ماميس.
صباحاً، كنت أطالع الموقع مترقباً الأخبار التي تسبق اللقاء، وكالعادة نشر موقع جول توقعه لنتيجة هذا اللقاء، الموقع توقع تعادلاً للبرسا رغم نتائجه الطيبة الأخيرة، هذا التوقع كان هاماً برأيي وكان رأياً معتبراً، فالبرسا يدخل اللقاء وقد قطع لاعبوه مسافات هائلة مع منتخاباتهم، ولا داعي للحديث التفصيلي عن المسافات التي قطعت والإجهاد الذي كان حاصلاً مع الفريق بعد اللقاءات الدولية.إذن أداء البرسا الذي كان منتظراً لم يخيب الآمال، بل على العكس بدا الفريق متماسكاً حتى اللحظة الأخيرة، وبدا قوياً بما يكفي لينتزع ثلاث نقاط هامة من هذا الأقليم العتيد، وحتى أكون منصفاً لا بد أن أشيد بمن يستحق الإشادة في هذا اللقاء، وسأبدأ بحارس المرمى وحامي العرين فكتور فالديس الذي أستطيع أن ينقذ المرمى من أهداف محققة، ففالديس اليوم ترك بصمته الواضحة على الانتصار ولقد كان حاسماً في كثير من الكرات والتي كان من الممكن أن ترجم ببساطة إلى أهداف كان من شأنها أن تربك الفريق.
الشخص الثاني الذي يستحق الشكر هو الأسد الكاميروني أيتو، الذي أستطيع أن يحرز هدفاً هاماً، ولأكون واقعياً فإن الهدف لم يكن سهلاً أو مقدماً على طبق من ذهب وإن كان هنري قد أحسن قراءة الملعب حين مرر الكرة، ولكن هذا لا يقلل من مهارة أيتو الذي استطيع بحسه التهديفي أن يزرع الكرة في الشباك بطريقة رائعة حقاً، وهنا لا بد أن أشيد بهنري الذي أسس الهجمة وأستطاع بتمريرته الحاسمة أن يوصل الفريق إلى النقاط الثلاث.اللاعب الرابع الذي يستحق الإشاد هو الإيفواري المسلم يحيى توريه، فتوريه الذي كان مادة دسمة للصحافة في الأيام المنصرمة أثبت أنه لاعب متميز، فالكل شاهد تنقلاته وتحركاته وتمريراته الممتازة بالإضافة إلى قطعه المتكرر للكرات والتي كانت بمثابة قطع لإمدادات الهجوم للفريق الباسكي، فتوريه بدا اليوم قوياً، متيقظاً، ومتحركاً لدرجة جعلت معلق الجزيرة يتساءل عن السبب الذي سيجعل غوارديلا يترك هكذا وسطي متألق؟ فالأداء الممتاز لتوريه سيجعله يفرض اسمه لاحقاً على تشكيلات برشلونة.
اما الحديث عن انيستا فلا يمكنني عزله عن الحديث عن أفضل لاعب في العالم، فهذا اللاعب يثبت كل يوم أنه مظلوم بأن لا يكون مرشحاً لهذه الجائزة، فالمهارات والإمكانات التي يمتلكها انيستا تجعله واحداً من أفضل اللاعبين حقاً، ولن يغيب عن ذهني هدفه الأخير أمام بلجيكا، فأداء انيستا يبدو ثابتاً وواثقاً وهو لاعب هام ومؤثر، ولكن ما أثار غرابتي فعلاً هو التفاوت الكبير في مستوى انيستا ففي حين كان انيستا سيئاً في الشوط الأول انقلب الحال وكأنني أشاهد لاعباً آخر لا ينتمي للاعب الذي ظهر في الشوط الأول!
عنصر الإمتاع بدا حاضراً، فاللقاء لم يكن مملاً وإن بدت غلى الأهداف قليلة، فجانب المتعة كان متوفراً ولاعبو البرسا استطاعوا فرض إيقاعهم على اللعب، فالسيطرة على الملعب كتالونية، وجمل التفاهم حتى في الخطوط الخلفية بدت واضحة ما يعني وجود تناغم متميز بين خطوط ولاعبي الفريق، كما أن تفوق الفريق في الشوط الثاني نقطة هامة جداً، فالفريق في الشوط الثاني رفع من مستواه بطريقة لافتة وهو أمر لم يكن موجوداً زمن ريكارد، فكثيراً ما انتهت لقاءات ريكارد بمثل ما انتهى بها الشوط الأول، فما حصل الليلة كان استفادة من أخطاء الشوط الأول وتحسين في الأداء وتجاوز تكتيكات الخصم وهو أمر يحسب للمدير الفني بلا شك، هذا بالإضافة الى التنويع المربك في مراكز اللاعبين، حيث لاحظنا بوضوح تعير مركز المشاغب انيستا والذي أربك حسابات مدرب البلباو.خط الدفاع أيضاً ظهر بصورة جيدة، وابيدال بدا في أفضل حالاته واستطاع أن يقوم بدوره على أفضل وجه راداً على كل ناقديه، أما الفيس فأعتقد أنه جيد لكن ليس بما يكفي لنقارنه بالفيس اشبيلية.
ملاحظات قليلة لا بد لي أن أمررها من خلال هذه المقالة، أولى هذه النقاط هي مغامرة بيب الغير محسوبة بإشراك سانشيز، فللأسف لم يبدُ هذا اللاعب جيداً، فقد كان أداؤه بشكل عام بارداً ولم يكن فاعلاً في تحركاته وأعتقد أن إشراكه من البداية لم يكن موقفاً بما يكفي، فهذا اللاعب كان من الأولى أن يشترك كبديل.كان من الواضح غياب المايسترو شافي عن الفريق، إلا أن الفريق استطاع أن يقوم بالضغط على الخصم، وأن يصنع عديد الفرص، هذا بالإضافة إلى غياب التحركات السريعة التي كنا نلاحظها مع وجود ميسي، فالبطؤ كثيراً ما أجهض هجمات كنا نعتقد أنها هامة، وحتى أكون موضوعياً لا بد أن أشيد بتحركات هنري من الأجنحة لأنها كانت جيدة وأثبت فيها هنري قدرة عالية على محاورة الدفاع والتفوق عليه.
وايتو يتحمل جزءاً من المسؤولية في النقد في هذا اللقاء، فقد أضاع فرصة كانت هدفاً محققاً، ولعل الحديث عن إضاعة هذه الفرصة لا يبدُ مهماً بعد الانتصار، ولكن من حقنا التساؤل ماذا لو أستطاع الباسكي تسجيل هدف، عندها كان من الممكن أن نقرأ أغلفة الصحف بكائيات على هدف ضائع كان من الممكن أن يقلب النتيجة، فإضاعة الفرص ليس بالأمر البسيط خاصة إذا كانت هذه الفرص سهلة، فبعض الفرص يضيع ولكن يمكن أن تعذر اللاعب، لكن المشكلة أن الفرص التي ضاعت اليوم كانت سهلة بل كانت أسهل من الهدف الذي سُجلّ!
إذن حققنا الأهم، أو بالأحرى حقق الفريق الأهم، وشخصياً أراه انتصاراً مميزاً في ظروف صعبة ومعقدة، ونقاط هامة جداً ستمكن الفريق من مواصلة مسيرته الواثقة امتثالاً لقول الشاعر: واثق الخطوة يمشي ملكاً! فلبرشلونة ولقائده الشاب أقول امضِ قدماً وامشَ واثق الخطوة، وصدقوني أن هذا المشي سيوصلنا أخيراً إلى حيث نريد، إلى منصات التتويج.