بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين أما بعد , شهد الكامب واحدة من أروع المباريات التي خاضها أبناء الوافد الجديد للعارضة الفنية البرشلونية ( بيب غوارديولا ) عقب سيناريو مذهل , كانت كل حلقاته سعيدة و تحمل في طياتها العديد من المفاجئات السّارة للبارسا بينما كان بمثابة كابوس شهد فيه مدريديو الأتليتي ستة أشباح مخيفة و مرعبة زعزعت استقرارهم و جعلتهم يستسلمون منذ النصف ساعة الأول من اللقاء , فبصراحة تمتع كل الأنصار بآداء ممتع من قبل نجومنا اللذين تفنّنوا في سحرنا من خلال اللّوحات الفنيّة الهجومية التي رسموها و التي كانت حصيلتها في النهاية ستّة أهداف كاملة , فلا يختلف اثنين على أن الفوز مقنع و مستحق لبرشلونة التي ثار بركانها هذه المرة في وجه أتليتيكو مدريد العنيد ( سابقا ) و تمكنت بذلك من تحقيق انتصار كبير أثرى الحصيلة العامة يثلاث نقاط جديدة و أسعد الملايين من العشّاق في كل قطر من أقطار العالم .
لن أقوم بسرد مجريات اللّقاء و الحديث عنها بالتفصيل , لكنني سأحاول تحليل المباراة من زوايا أخرى :
1 ) سيناوريو المباراة : شهدت المباراة سيناريو رهيب و عجيب لأن البارسا حرمت ضيفها من الفترة التي عادة ما تعرف تحفّظا من قبل الفرق المتنافسة بغاية دراسة أسلوب لعب كل فريق للآخر , حيث باغتته بهدف مبكر و منذ الدقيقة الثالثة فأخلطت عليه الحسابات و حتّى على الكاميرامان الذي بمجرد ما عاد بنا لمجريات اللقاء , حتى شهدنا اللقطة التي عرقل فيها ميسي و تحصّل على إثرها على ضربة جزاء أسفرت عن الهدف الثاني و في ظرف لا يتعدى السبع دقائق فزاد الضعط على الفريق المنافس الذي شهد تذبذبا في خط دفاعه الذي تلاشى و انهار إنهيارا عجيبا ليصفعهم لؤلؤتنا الأرجنتينية بهدفه المباغت على إثر تنفيذه لركلة حرّة مباشرة , هنا أدرك الأتليتي أنه مطالب بالخروج من قوقعته لأنه لم يعد يخسر أي شيء و قام بمحاولات هجومية أسفرت إحداها على هدفهم اليتيم الذي أحيى فيهم بعض الأمل لمدة خمس دقائق فقط , لتحل رصاصة الرحمة التي انهت المباراة في وجه أتليتيكو مدريد قبل توقيتها النهائي فتبعثرت الأوراق و خرج الفريق من جو اللقاء ليترك المجال مفتوحا على مصراعيه للبارسا الذي أتقن الإستفادة من هذه النقطة و عزّز النتيجة بعدها بعشر دقائق ليسجل خماسية غير منتظرة و في ظرف لا يتعدى 28 دقيقة , بعد هذه الفترة توقفت الأهداف ( صح ) لكن الهجمات توالت و شهدنا تنويعا في صنع الفرص و العمليات الجماعية و الفردية لنجومنا اللذين صالوا و جالوا كيفما شاؤوا بالطول و بالعرض على أرضية الكامب نو و تواصل الحال على هذا المنوال لغاية الدقيقة 74 التي شهدت توقيع الهدف الأخير في هذه السلسلة الطويلة و هذا المهرجان من الأهداف , فبالتالي تماشى السيناريو طيلة مجريات اللقاء مع طموحات البارسا و أهدافها في هذا اللقاء فلم تشهد أي ضغط أو إزعاج يذكر من قبل خصم لطالما كان شبحا أسودا في الماضي القريب , و حتى الهدف الوحيد المسجل للأتليتي كان بعد تلقيه لثلاث أهداف .. يعني لم يربك لاعبينا كثيرا و خصوصا أنهم استرجعوا السيادة بإضافتهم للهدف الرابع بعده بخمس دقائق فقط , من هنا نفهم بأن سيناريو المباراة لعب دورا بارزا في تسهيل هذا الإنتصار على لاعبينا و كان وراء تسجيلهم هذا العدد من الأهداف .
2 ) الآداء : من الناحية الجماعية : عرفت المباراة سيطرة ميدانية للبارسا في معظم أطوار اللقاء ترجمت من خلالها آداءا أقل ما يقال عنه أنه مبهر , خصوصا في النصف ساعة الأولى من اللّقاء التي شهدت هجمات متنوّعة و محاولات عديدة سواءا كانت جماعية أو على إثر عمليات فردية أسفرت على خمسة أهداف جميلة , توالى الحال هكذا لغاية نهاية المباراة فقد قدم لاعبونا آداءا جماعيا في منتهى الروعة من خلال التفاهم الملحوظ بين جل اللاعبين و في كل المناصب كما أحسنوا التمسّك برتم المباراة جيّدا , و شهد اللقاء أيضا ميزة جديدة ألا و هي العودة الجماعية للاعبين لمساندة الدفاع فشهدنا روح جماعية عالية و تبادل الكرات بثقة و بإتقان بين كلّ اللاّعبين فهذه نقطة تحسب لصالح مدربنا الجديد.
من ناحية الخطوط : خط الدفاع : قدم مباراة كبيرة و لم يرتكب العديد من الهفوات مقارنة باللقاءات الماضية سوى سوء التفاهم الذي اسفر عن الهدف الوحيد للخصم , عدى ذلك فقد نجح بيكيه هذه المرة في سدّ المنافذ في وسط الدفاع كما سانده الخبير المكسيكي ماركيز في ذلك , كما شهدنا مساندة معتبرة من الجناحين أبيدال و بويول اللذان لعبا بتركيز عال في الجناحين المخصّصين لهما , فبالتّالي يمكن القول بأن الدفاع تحسّن نوعا ما و قلت أخطائه القاتلة ( مع التحفظ لأنني أقر بأن إنهيار معنويات مهاجمي الاتليتي ساعد كثيرا في هذا الإنجاز ) فلم نصل لحد الجزم بأن الدفاع تحسن 100 % .
خط الوسط : كعادته كان في المستوى و أثبت لنا بأنه لا خوف على الفريق من هذه الناحية , فباسكويتس بدأ يعتاد و يألف طريقة لعب جل زملائه و زاد انسجامه مع الفريق و قد قدم آداءا لا بأس به و لم يحسسنا بغياب الصّخرتين ( يايا توريه و كايتا ) و تمكّن من النسج بين خط الدفاع و الهجوم جيّدا , دون نسيان المساعدة الكبيرة التي تلقّاها من الإيسلندي الذي يجيد الإحتفاظ بالكرة و يحسن التمريرات معوّضا بذلك ثقل تحركّاته زيادة على تمركزه الجيّد و الذي مكّنه من تسجيل الهدف الخامس , كما تألق المبدع الآخر و المايسترو ( xavi ) الذي بات ركيزة أساسية يستحيل الإستغناء عن خدماتها بفضل تمركزه السّديد و تمريراته الملّمترية و إتقانه لفن صناعة الأهداف , فعموما قدم لاعبو خط الوسط ما عليهم و تمكّنوا من غلق المنافذ في وجه الخصم و حافظوا بذلك على السّيطرة الميدانية التي فرضتها البارسا طيلة اطوار اللقاء و هذا الكلام يمس حتى البدلاء اللذين قدموا ما عليهم و يستحقون الثّناء أيضا .
خط الهجوم : بالنظر لنتيجة اللّقاء فمن غير المعقول أن يكون آداء هذا الخط ضعيفا , فقد تفنّن مهاجمونا في تسجيل الأهداف و صناعتها فبعد الهدف الأول الموقّع بأقدام المدافع المكسيكي و الهدف الخامس باقدام لاعب الوسط الأيسلندي تمكّن كل من إيتو و ميسي و بعدهما هنري من توقيع أربعة أهداف كاملة , و كانت لهم العديد من المحاولات الخطيرة و الفرص الضائعة على إثر عمليات جماعية أو توغّلات فردية و بصراحة قاموا بواجبهم على أكمل وجه و لهم الفضل في هذا الإنتصار و في النتيجة التي آلت إليها المباراة , دون نسيان الدور البارز الذي قدمة الرّسام إنيستا الذي اثبت علو كعبه و أنه لاعب يجيد التعامل مع أي منصب يوكل إليه و هذا ما ترجمه من خلال آدائه الممتاز في هذا اللقاء و تواجده في جل الفرص فله كل الشكر و الثناء و لكن هذه المرّة كمهاجم .
3 ) النتيجة : كما يعلم الجميع فقد انتهت هذه المباراة بنصف درزن من الأهداف حيث شهدت تسجيل ستة أهداف كاملة و بطرق متنوعة و بعمليات جميلة , هذا ما سيخدم مصلحة الفريق من حيث عدد الأهداف المسجلة التي يحتاجها الفريق في نهاية الموسم , كما ستخدم اللاّعبين من الناحية المعنوية كثيرا و ستجعلهم يثقون في قدرت الفريق الهجومية مستقبلا و أنه يمتلك الإمكانيات اللاّزمة للوصول لشباك الخصوم و بطرق مختلفة , يعني الفوز بهذ النتائج العريضة يختلف أثره عن الفوز العادي لأنه يترك وقعا خاصا في أذهان اللاعبين زيادة على الصحافة التي ستتمادى في تضخيم هذا الإنتصار و الإشادة به فبالتالي دائما ما تصب هذه الإنتصارات في مصلحة الفريق و قد تغيّر من وجهة نظر الكثيرين له .
في الأخير , أهنئ الجميع بهذا الإنتصار العريض و ليفخروا بكونهم مناصرين لهذا النادي العريق , فكما ذكر المحلّل التونسي للجزيرة الرياضية ( طارق ذياب ) في تفسيره لنتيجة اللقاء و هل كان البارسا قويأ أم أن أتليتيكو مدريد هو الذي كان ضعيفا ؟؟ فجاء رده بأن البارسا هو الذي ظهر بوجه مرعب و ليس العكس و صدق في تحليله , فألف مبروووووك لنا بهذه السّلسلة المتتالية من الإنتصارات المدوّية للفريق الذي بات يسترجع مكانته شيئا فشيئا و بات لاعبوه يرسمون اللوحات الفنيّة الإبداعية التي لطالما كانت ميزة آداء البارسا و سبب تعلّق الملايين به فإن شاء الله يستمر هذا التألق و التعملق في سماء الليغا التي لا تحلو بغياب سحر البارسا .