بســم الله الرحمن الرحيـــم و الصلاة والسلام على اشرف المرسلين محمد خاتم الأنبياء و المرسلين ( صلى الله عليه و سلم ) أما بعد , أزف تحياتي الحارة لأسرتي في هاي يا عرب من مشرفين , مراقبين , محرري أخبار , زملائي في الرابطة دون نسيان الأعضاء الكرام , أعود هذه المرة لأطرح مقالي هذا الذي سأتحدث فيه عن الثورة التي احدثها غوارديولا في البارسا منذ توليه العارضة الفنية لفريقها , فملامح التغيير اتضحت جليا ففريق هذا الموسم مغاير تماما لما كان عليه في الموسمين المنفرطين و النتائج تبشر بمستقبل حافل بالبطولات , كل هذا جعل الكل يعيد حساباته بخصوص كفائة و قدرة بيب غوارديولا على تحمّل مسؤولية تدريب فريق بحجم معشوقتنا البارسا .
بعد انطلاقة متعثرة شهدت خسارة الفريق في أول لقاء ثم تلاه تعادل مخيّب للآمال آن ذاك , تفاقمت الإنتقادات و اعتقد الكل بأن الفريق يسير على نفس النهج الذي كان عليه سابقا و أنه ما من تغيير قد طرأ على أسلوب لعب الفريق أو خطته , و تفنن الجميع في انتقاد غوارديولا و طريقته المتبعة في اللعب و كنا بمثابة من رمى المنشفة منذ الجولة الأولى في الملاكمة , لكن الحمد لله انقلبت الأوضاع رأسا على عقب بعدها و شهدت ثورة عارمة في صفوف الفريق من تغييرات عدة في التشكيلة و في الخطة و كانت في كل مرة تؤتي أكلها و بمرور المباريات اتضحت المعالم الأساسية في التشكيلة و أهم ركائزها كإنييستا و تشافي المهندسان الرائعان , إيتو عاد من جديد لمعانقة الشباك و بمهارات متنوعة , ميسي حدث و لا حرج , هنري اتضح لنا بأنه أقوى و أنفع للفريق أن يستعمله كجوكر و بات يلعب دورا افضل مما كان عليه لما كان دائم التواجد كأساسي , بويان حاضر في كل مرة يشارك فيها إما كأساسي أو كبيدل و هو يسير في طريق الصحيح و آدائه ينبأ بمستقبل واعد لهذا النجم الصغير ,باسكويتس الموهبة الجديدة و الذي اثبت علو كعبه و استحق التواجد لعدة مرات كأساسي بكل جدارة بالنظر لآدائه المميز في كل مرة , حتى غوديونسن وجد ظالّته مع المدرب الجديد و استرجع ثقته بالنفس و بات مستواه يثير الإنتباه , ثم نمرّ لمستوى ألفيس فهو في تحسن مستمر أو بالأحرى تأقلمه لأنه من العيب أن نقيّم هذا اللاّعب بالمستوى لأنه أفضل ظهير في العالم , كايتا و هليب في اجتهاد كي يفيدا الفريق في المنصبين الموكلين إليهما و آدائهم يتطور في كل مرّة , توريه أثبت بأنه لا يزال الصخرة التي تقف كسد منيع في وجه مهاجمي الخصوم و من الخطأ التفريط في خدماته , أما خط الدفاع فلم يثبت بعد لكنه في تحسن أيضا و تمكّن بيكيه و كاسيراس من منافسة العملاقين ماركيز و بويول في المحور الدفاعي , ابيدال لا يزال ثابت المستوى و هنالك سيلفينهو البديل الأنسب له و كلاهما أبلى حسنا , يعني أغلبية اللاّعبين شاركوا في لقاءات هذا الموسم في ظل أسلوب المداورة الذي يطبقه غوارديولا بنجاح لغاية اللحظة , أمّا بخصوص الحارس المعوار ( فالديس ) فأنا لم أنساه لكنّني بقيت محتارا في هذا اللاعب فتارة يمتعنا و يبهرنا بتصدياته الممتازة و يؤدي لقاءات في القمة , لكن بقدر هذا التألق يرتكب هفوات قاتلة و أخطاء لا تغتفر حتى بالنسبة لمبتدئي كرة القدم و أنا شخصيا مع فكرة جلب حارس في فترة الميركاتو القادمة , لأن منصب حراسة المرمى حسّاس جدا و من الخطإ المجازفة فيه لأن عواقبه وخيمة فأنا شخصيا لست مطمئنا في ظل بقاء فالديس كأساسي , بعد الحديث عن كل لاعب على حدى يمكننا القول بأن هذه الكوكبة من اللاعبين باتت تطبق كرة قدم تمزج بين الفن و المتعة و الجماعية في الآداء و هذا أبرز تغيير طرأ على الفريق .
في ظل هذا التغيير الملاحظ في طريقة اللّعب و في الخطة المطبقة في كل مباراة توالت الإنتصارات و هآ نحن الآن في الإنتصار السادس على التوالي و في ظرف زمني قصير , رغم تأثيرالجانب البدني بعد خوض لاعبينا لمباريات ودية و أخرى رسمية مع فرقهم الوطنية زيادة على التغييرات التي تطرأ في كل مرة على التشكيلة في ظل اسلوب المداورة المطبق قصد إراحة النجوم أو إعطاء فرص لوجوه جديدة في الفريق , كلّ هذا لم يحبط من عزيمة لاعبينا اللذين تمكنوا من افتكاك انتصارت متتالية و حقّقوا نتائج عريضة و ضربوا الخصوم بالستة و الخمسة , فالآلة الهجومية تعمل بشكل جيّد و تتفنن في توقيع الأهداف و بأقدام جل المهاجمين على إثر عمليات جماعية منسّقة أو توغّلات ناتجة عن مهارات فردية على رأسهم اللؤلؤة ( ميسي ) الذي يجيد هذا الفن و بقوة , يعني يمكن نقول بأن الفريق بدأ يسترجع هيبته المفقودة في اللّيغا و بات يدخل المباريات بثوبالمنتصر في كل مرّة و هذه نقطة تحسب للفريق كما أعجبني كثيرا كلام غوارديولا الأخير { نحن قادرون على الفوز في كل اللقاءات } نعم , هذه قمة التفاؤل و الثقة بقدرات اللاّعبين التي إن سخرت بالشكل الصحيح فهي قادرة على صنع المعجزات هذا الموسم .
بعد كل هذه الإنجازات قلّت حدّة الإنتقادات الموجّهة لغوارديولا بل ستنعدم إن شاء الله في حالة ما واصل الفريق على هذا النهج , ففي البداية الكل اتفق على أن توكيل مهمة تدريب البارسا لمدرب صغير في السن قليل الخبرة مجازفة كبيرة قام بها البارسا في ظرف هو مطالب بالعودة لمنصات التتويج بعد موسمين عجاف خرج فيهما الفريق خالي الوفاض من أيّ لقب , و جائت البداية المفاجئة ليشتدّ غيظ الفئة المعارضة لهذه الفكرة و ما من أحد استطاع إقناعهم بالصبر لأن الحديث في ذلك الوقت بات منصبا على التغيير و منذ البداية و انطلقت حملة البحث عن مدرب جديد !!! كلامي هذا لا يعني بأنني ألومهم لأنني أدرك تماما بأن غايتهم هي نجاح الفريق و عودته لتحقيق الإنتصارت من جديد , و لحسن الحظ انتهت هذه المسألة في بدايتها و قبل أن تأخذ تطوّرات لا تحمد عقباها فغوارديولا بقي مركّزا على عمله و أثبت من مباراة لأخرى بأن عمله هو الذي أسفر على التحسّن الملحوظ في الآداء و أنه ما من يد للحظ في ما يحدث , و استطاع أن يكسب ود الكثير ممن انتقدوه و غيّر من وجهة نظرهم له , حتى المحلّلين لمحوا قوة الشخصية التي يمتلكها هذا المدرب و أنه استطاع أن يتماشى مع الضغوطات التي تعرض لها بعد أوّل إخفاق له في أوّل لقاء في اللّيغا و تمكّن من فرض أسلوبه الجديد بإدراكه الجيّد لإمكانيات كل نجم من نجومه و توظيفها في المكان المناسب لتسفر هذه العملية عن فريق رائع حقّق انتصارات متتالية بوابل من الأهداف و التي باتت تشبّه بالزلازل نظرا لغزارتها و قوّة أثرها على الفرق الضحيّة و كانت أفضل دليل لنجاح خطة غوارديولا لغاية اللّحظة و التي أقنعت الجميـــع .
فتحية تقدير لهذا المدرب الذي أثبت علو كعبه و أنه جدير بالمسؤولية الموكلة إليه و نتمنى أن يواصل مسيرته بنفس العزيمة كما نأمل أن لا يتكرّر سيناريو الإنتقادات اللاّذعة له التي تلت أول إخفاق له في الموسم و علينا أن لاننسى بأنه لكل جواد كبوة و هذا منطق كرة القدم أيضا التي تحمل في قاموسها مفردة :: خسارة :: و التّي يمر بها أي فريق مهما كانت عظمته و حجم ألقابه ,و حتّى لاعبينا مطالبين بتسهيل مهمته بإنضباطهم و تفانيهم في تقديم ما هو أفضل في كل مرة قصد خدمة الفريق و التي ستعود بالفائدة على الجميــع و نحن بإنتظار التلذّذ بطعم الأقاب من جديد في ظل أن المعطيات تشير إلى إمكانية ذلك هذا الموسم و لما لا تحقيق أكثر من لقب كي نشفي غليـل الموسمين الماضيين و نتخذّص من الكابوس الذي يلاحقنا منذ مدة , فبالتوفيق للبارسا في قادم المواعيـد و لكم مني أسمى التحيّات : أخوكم في الله ( سالــــم ).